Recherche Fr menu fr ClientConnect
Recherche
Résultats
5 premiers résultats de la recherche Voir tous les résultats Recherche avancée
Recherches les plus fréquentes
Pages les plus visitées

أعمال تجارية صغيرة على ضفاف نهر النيل العظيم

مصر تستهدف تنمية ملايين من رواد الأعمال التجارية الصغيرة الجدد، وتخفيف التكدس السكاني في المدن الكبرى، وزيادة وسائل النقل الكهربائية، وكذلك تحسين استخدام المياه التي يحملها مجرى النيل

Par 13 February 2024
 

Listen

لاقت رشا محمد تحذيرات من أصدقائها وأسرتها من أن هناك مخاطرة كبيرة للغاية من فتح متجر ملابس في ظل الأزمات الاقتصادية. ولكنها كانت تخطط لهذا المشروع منذ بضع سنوات. لذا، عندما تمت الموافقة على قرضها التجاري، لم تتردد.

تقول رشا: "هناك الكثير من الأشخاص مثلي في مصر يريدون القيام بالأمر نفسه". لقد حصلت على قرض قيمته 100 ألف جنيه مصري، أي ما يعادل 3 آلاف يورو، في عام 2022 لافتتاح متجر يبعد عن غرب وسط القاهرة بمسافة 40 كيلومترًا تقريبًا، وتبيع فيه ملابس عصرية وملابس أطفال وعباءات، وهي ملابس طويلة وواسعة ترتديها المصريات وتتميز بتصاميم مستوحاة من التراث الثقافي. وتضيف رشا: "ينتظر الأشخاص مثل هذا النوع من الدعم. من دون الحصول على مساعدة مالية، من الصعب للغاية القيام بمثل هذا الأمر، لا سيما في أوقات الأزمات".

تُعد مصر أحد أعرق البلدان في العالم، وتزخر بأكبر الاقتصادات وأكثرها تنوعًا في أفريقيا والشرق الأوسط. تُعزى نسبة 75% من إجمالي التوظيف إلى الوظائف التي تقدمها شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، لذا يتهدد أكثر سُبل العيش حال وقوع مشاكل اقتصادية. في عام 2023، عانت البلاد ارتفاع حجم الديون والتضخم وانخفاض قيمة العملة. وتمثلت الاستجابة في تركيز المساعدة على الشركات الصغيرة. تهدف مصر إلى تنمية ملايين من رواد ورائدات الأعمال الجدد في هذا العقد من الزمان عن طريق تقديم التدريب والمشورة المالية للشباب. وأصبحت هذه المساعدة أكثر إلحاحًا خاصة بعد الأعداد الغفيرة من الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في أثناء جائحة COVID-19.

من دون الحصول على مساعدة مالية، من الصعب للغاية القيام بمثل هذا الأمر، لا سيما في أوقات الأزمات.
رشا محمد

إن أرض كليوباترا وتوت عنخ آمون والهرم الأكبر تواجه كل التحديات التي تواجه البلدان النامية الكبيرة، بدءًا من خلق فرص عمل للشريحة السكانية المتنامية من الشباب إلى التعامل مع آثار تغيُّر المناخ والتلوث الذي يفاقم آثاره السلبية. تواجه مصر هذه العقبات بالاستثمار في الأعمال التجارية الصغيرة إلى جانب مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تحسِّن إدارة المياه والصرف الصحي والري والزراعة وتخفض الانبعاثات الصادرة من المصانع وأنظمة النقل التي عفا عليها الزمن.

قدَّم البنك الأوروبي للاستثمار دعمًا لهذه المشاريع بقيمة تزيد على 15 مليار يورو في شكل استثمارات منذ عام 1979، وكان أغلب هذا التمويل مدعومًا بالمنح أو ضمانات القروض المقدمة من الاتحاد الأوروبي. في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصبح مكتب بنك الاتحاد الأوروبي في القاهرة مركزًا إقليميًا يخدم منطقة شمال أفريقيا والشرق الأدنى. يُعد هذا المكتب فرعًا أساسيًا لذراع البنك الأوروبي للاستثمار في العالم، ويتولى العمليات التي تتجاوز حدود الاتحاد الأوروبي. تتراوح استثمارات البنك بين أنظمة المياه الكبيرة والقروض التي تقرضها البنوك المصرية بعد ذلك لأصحاب الأعمال التجارية الصغيرة، مثل رشا محمد التي كان متجرها مدعومًا من خلال قرض أكبر بكثير منحه البنك الأوروبي للاستثمار للجهة المختصة في تقديم التمويل الأصغر، ألا وهي بنك القاهرة.

منع التلوث الناتج عن النقل

في نهاية الأمر، كلنا نعيش على هذا الكوكب.
محمد وائل ناصر

يقول طارق محمد، وهو مسؤول مشاريع في مكتب البنك الأوروبي للاستثمار في القاهرة: "نساعد العديد من القطاعات في مصر ولكن مشاريع النقل التي نشارك فيها تحسِّن وحدها البيئة والاقتصاد ونوعية حياة الأشخاص والوظائف والتعليم والرعاية الصحية".

عمل محمد في مشروع تحديث مترو القاهرة، ويساعد في إجراء التحسينات على قطارات نقل الركاب وقطارات الترام في الإسكندرية، ثاني أكبر مدينة في البلاد. ويضيف محمد: "تُعد القاهرة من أكثر المدن تلوثًا في العالم من حيث نوعية الهواء ولكن هدفنا هو تحويل نمط النقل هنا وفي مدن مصر الأخرى لتقليل عدد السيارات المستخدمة وحرق وقود أحفوري أقل واعتماد طرق حديثة للتنقل وتقليل الانبعاثات".

يستثمر القطاعان العام والخاص في مصر أيضًا في النقل الأخضر والاقتصاد الدائري ومصادر الطاقة المتجددة وممارسات الزراعة الحديثة. فلقد أصبحت حاويات إعادة التدوير ظاهرة شائعة الآن في أجزاء من مدن مصر الكبرى، بل إن آلات الصرف النقدي تطلب من المستخدمين عدم طباعة إيصال استلام النقدية حفاظًا على الكوكب. في مؤتمر المناخ السابع والعشرين الذي أقيم في شرم الشيخ بمصر في عام 2022، أعلنت البلاد عن برنامج مترابط للمياه والغذاء والطاقة للعمل بشكل وثيق مع الشركاء العالميين وضخ مليارات من الدولارات في حماية البيئة وتحسين مستقبل البلاد. تهدف خطة "رؤية مصر 2030" إلى المساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عن طريق مكافحة الفقر وأوجه عدم المساواة والنهوض بالتكنولوجيا والحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

يقول محمد وائل ناصر، وهو مدير تطوير المنتجات في شركة طباعة مصرية كبيرة، وهي روتو هاوس: "في نهاية الأمر، كلنا نعيش على هذا الكوكب، لذا نريد أن نُظهر لبقية العالم أننا نولي اهتمامًا بالأمر". لقد قدمت هذه الشركة استثمارًا كبيرًا للحد من انبعاثات المذيبات، ويقع مصنعها بالقرب من القاهرة، وحصلت على دعم في شكل قرض قيمته 2.5 مليون يورو من بنك الإسكندرية في عام 2020. يُعزى التمويل الذي حصلت عليه شركة روتو هاوس إلى البنك الأوروبي للاستثمار الذي وافق على قرض إطاري بقيمة 20 مليون يورو لبنك الإسكندرية في عام 2018 لدعم الأعمال التجارية الصغيرة وقد دعم قرضًا مماثلًا بقيمة 15 مليون يورو في عام 2023.

ويضيف ناصر: "هذا النوع من الاستثمار مكلف للغاية، ولكنه يُفيدنا جميعًا. فهو يساعد عملنا التجاري عندما يعلم العملاء أننا نهتم بشأن البيئة ويساعد في مواجهة تغيُّر المناخ. اليوم، نحن لا نُلحق أي ضرر بطبقة الأوزون".

"إن الاعتماد على الغاز الطبيعي في وسائل النقل ليس في صالح مستقبل مصر".

أحمد البلتاجي

الاستغناء عن السيارات واستخدام النقل العام

يمثل تغيُّر المناخ والبيئة موضوعين مهمين للمدن الكبرى مثل القاهرة. تُعد هذه العاصمة من أكثر مدن العالم ازدحامًا وتكدسًا بالسكان. سواء كنت ماشيًا أو تقود سيارتك في أرجاء المدينة، ستشعر بالانزعاج والارتباك من مقدار عوادم الديزل والزحام المروري. من المخطط أن تتصدى مشاريع البنية التحتية الكبيرة لهذه المشاكل على مستوى المدينة بشكل خاص والبلد بشكل عام، بما في ذلك زيادة خطوط المترو التي تعمل بالكهرباء، وإنشاء أحد أطول القطارات الكهربائية أحادية الخط (المونوريل) في العالم، وقطار كهربائي عالي السرعة، ومنظومة حافلات مدنية جديدة. الهدف: توجيه ملايين الركاب إلى النقل العام بدلًا من السيارات.

يقول وليد العارف بالله، وهو مدرب سباحة تخرج مؤخرًا وحصل على شهادة جامعية في نظم المعلومات، في أثناء انتظاره قطار الخط الثالث لمترو القاهرة: "بصراحة، المترو هو أحد أكبر المشاريع في مصر". هذا الخط هو أحدث جزء من شبكة المترو، وتم تمويله بواسطة قرض قيمته 600 مليون يورو مقدم من البنك الأوروبي للاستثمار. ويضيف قائلًا: "إن المترو وسيلة مواصلات بسيطة وآمنة وسهلة للغاية بالنسبة إلى الجميع. ومن حيث الأسعار، فإن أسعار التذاكر لا تزال معقولة لمعظم الناس".

تعمل كريستين عماد في إدارة الحسابات في برج القاهرة، وهو أفضل مكان للحصول على إطلالة بانورامية للمدينة من ارتفاع يقرب من 200 متر، وهي تقول إن التوسعة والتحسينات التي تشهدها شبكة مترو القاهرة في الآونة الأخيرة جعلت الأمور أسهل للجميع. وتوضح أن الطرق تكتظ بعدد كبير للغاية من السيارات والمركبات الأخرى.

وتضيف قائلة: "إذا كان هناك ازدحام مروري، أستقل المترو دائمًا، لأنني أعلم أنني سأوفر الكثير من الوقت للانتقال من مكان إلى آخر. إذا كانت الرحلة تستغرق في الأحوال العادية ساعة بالسيارة أو الحافلة، فالمترو لا يستغرق سوى نصف ساعة".

custom-preview
كريستين عماد تقول إن توسعة شبكة مترو القاهرة تسهِّل الأمور على الكثير من الناس وتقلل وقت تنقلهم إلى النصف.

تم افتتاح شبكة مترو القاهرة في عام 1987 وكانت الأولى من نوعها في أفريقيا والشرق الأوسط. تغطي عدة خطوط للمترو جزءًا كبيرًا من المدينة وتحمل ملايين الركاب كل يوم. ساعد البنك الأوروبي للاستثمار على التوسع في مد خطوط عديدة للمترو، وظل يدعم مشاريع نقل كبيرة أخرى لأكثر من أربعة عقود. في عام 2021، أعلن البنك أنه يعتزم استثمار أكثر من مليار يورو في مشاريع المترو والترام في القاهرة والإسكندرية على مدار خمسة أعوام. يمتاز الخط الثالث بحداثة تماثل أي خط مترو في العالم حيث إنه مزود بمكيفات هواء وأنظمة أمان وإضاءة جيدة وأكشاك تذاكر حديثة وعربات منفصلة للنساء. في عام 2023، عكف البنك على إعداد استثمار جديد لتوسعة الخط الأول لمترو القاهرة وتحديثه.

يقول أحمد البلتاجي، وهو مهندس يعمل في مشاريع الطاقة والنقل في بعثة الاتحاد الأوروبي في القاهرة: "في يومنا الحاضر، لا يستطيع الكثير من الناس في القاهرة تخيل الحياة من دون المترو. ومن منظور اقتصادي، يمثل المترو أهمية كبيرة في تقليل الازدحام ومساعدة الأشخاص على الوصول إلى مقار عملهم. ولكنه يوفر أيضًا الكثير من الوقت للأشخاص. فليس من السهل ركوب الحافلات في القاهرة".

"المترو هو أحد أكبر المشاريع في مصر".

وليد العارف بالله

حلول لأجل مدينة الإسكندرية

تعاني الإسكندرية مشاكل مماثلة من حيث التكدس السكاني والتلوث. الكثير من الشوارع في الإسكندرية ضيقة ومكتظة بالسيارات، وعربات ثلاثية العجلات "التكاتك"، وسيارات الأجرة ذات اللونين الأصفر والأسود من طراز لادا الروسي. وخطوط القطار وشبكة الترام قديمة ومتهالكة. يعيش في هذه المدينة حوالي 5 ملايين شخص، وغالبًا تكون أكثر تكدسًا بالسياح في ألطف شهور السنة، ما يجعل إمكانية الحركة أكثر صعوبة.

يقول وليد منيب، وهو غوَّاص محترف في الإسكندرية كان يحتسي الشاي في مطعم بالقرب من شاطئ الشاطبي، وهو أحد الامتدادات العديدة للساحل الرملي في المدينة: "ليس من السهل التنقل، لا سيما في موسم السياحة حيث توجد السيارات في كل مكان. من شأن تحسين القطارات والترام في هذه المدينة أن يساعد الجميع كثيرًا".

مصر تقوم باستثمارات كبيرة في معالجة المياه لمنع تفريغ الملوثات في البحر الأبيض المتوسط حول الإسكندرية.

اعتمد البنك الأوروبي للاستثمار قرضًا بقيمة 750 مليون يورو في أيلول/سبتمبر 2023 من أجل إعادة تأهيل خطوط قطارات الركاب على امتداد ما يقرب من 22 كيلومترًا في الإسكندرية، وإضافة عربات جديدة، وتجديد المحطات، ومد مسارات جديدة، وتحويل محركات الديزل إلى أنظمة تشغيل بالطاقة الكهربية. ويأتي ذلك بعد الحصول على قرض بقيمة 138 مليون يورو منحه البنك عام 2020 لترقية خط الترام الكهربائي على امتداد 13.8 كيلومتر في الإسكندرية، شمل ذلك عربات ومحركات جديدة. يمتد بالمدينة أكثر من 30 كيلومترًا من خطوط الترام التي يعود تاريخها إلى ستينيات القرن التاسع عشر والكثير من أجزاء هذا النظام بحاجة إلى التحديث.

تقول فاطمة رشاد، وهي المدير العام للتخطيط الاقتصادي في الهيئة العامة لتخطيط مشاريع مشروعات النقل والمواصلات في مصر، وهي كانت تصطحب مجموعة من شركاء التنمية العالميين في جولة بواسطة قطار متقادم يعمل بالديزل على خط ركاب قديم ووعر سيتم استبداله خلال السنوات العديدة القادمة: "نحن بحاجة إلى تخفيف حركة مرور السيارات في الإسكندرية، ولكننا بحاجة أيضًا إلى معالجة المشاكل من عدة زوايا مختلفة".

وتقول فاطمة وهي جالسة على مقعد على بُعد متر فحسب من مقصورة القاطرة التي تعمل بالديزل، إن مسؤولي النقل قاموا بدعوة الزائرين لتوضيح حجم الإصلاح والتحسين المطلوب في مدينتها. وصرحت قائلة: "أمامنا طريق طويل لنقطعه، لكنني متفائلة بأننا سنشهد انخفاضًا كبيرًا في الزحام المروري وحجم التلوث في المستقبل القريب".

"أمامنا طريق طويل لنقطعه، لكنني متفائلة".

فاطمة رشاد

هبة النيل

تمثل المياه مشكلة كبيرة أخرى تمس البنية التحتية في الإسكندرية بشكل خاص والبلاد بشكل عام.

إن النمو السكاني وتغيُّر المناخ والتلوث والنزاعات الإقليمية جميعها تؤثر سلبًا في إمداد المياه. ويعتمد المصريون على نهر النيل لتلبية احتياجاتهم من الشرب والري بنسبة 90%. يُطلق على البلاد أحيانًا اسم "هبة النيل"، لأنه في غياب هذا النهر سيصير معظم هذه الأرض صحراء. تُعد مصر اليوم واحدة من أكثر البلدان التي تعاني ندرة المياه في العالم، حيث يقل نصيب الفرد من الموارد المائية بشكل كبير عن المتوسط العالمي.

إن البنك الأوروبي للاستثمار أحد أكبر المستثمرين في مشاريع المياه في جميع أنحاء العالم، حيث يقرض ما يزيد على مليار يورو في هذا القطاع لمصر وحدها. وفي عام 2018، وافق الاتحاد الأوروبي على منحة بقيمة 25 مليون يورو وقام البنك الأوروبي للاستثمار بتوقيع قرض بقيمة 214 مليون يورو مع مصر للحد من التلوث في دلتا النيل وتحسين نوعية المياه والصرف الصحي ومعالجة النفايات.

وليد منيب هو سائق في الإسكندرية يقول إن الاقتصاد والسياحة يعتمدان بشكل كبير على المياه النظيفة.

يُعرف هذا الاستثمار باسم مشروع "تحسين نوعية المياه في مصرف كتشنر". يُعد هذا المصرف أحد أكثر المصارف تلوثًا في مصر، ويتألف من سلسلة طويلة من محطات معالجة المياه العادمة التي تمتد إلى حوالي 70 كيلومترًا عبر بلدات ليست بعيدة عن البحر الأبيض المتوسط.  تشكل الخطة المتمثلة في تحسين نوعية مياه هذا المصرف ومنع انتقال الملوثات إلى البحر جزءًا من برنامج الاتحاد الأوروبي لتحسين نوعية المياه في العديد من بلدان البحر الأبيض المتوسط.

يقول منيب، وهو سائق في الإسكندرية: "المياه مهمة للجميع، لكنها تحمل أهمية خاصة في الإسكندرية. كل ما عليك هو أن تنظر حولك، المياه النظيفة تمنحنا الوظائف والغذاء وتجذب ملايين السياح".

كل ما عليك هو أن تنظر حولك، المياه النظيفة تمنحنا الوظائف والغذاء وتجذب ملايين السياح.
وليد منيب

"نحن بحاجة إلى الاستثمار في الكوكب"

يقول ناصر، وهو مدير تطوير المنتجات في شركة روتو هاوس "Roto House" للطباعة، التي تقع في إحدى المناطق الصناعية في الجيزة على بعد 40 كيلومترًا تقريبًا من غرب القاهرة، إن زملاءه يشعرون بالضجر من كثرة كلامه عن أهمية المياه النظيفة في مصر أو عن البيئة والتصدي للاحترار العالمي. كان ناصر ممثل الشركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي انعقد في عام 2022. ويصرح بأن هذه القضية تعنيه حقًا؛ لأن تغيُّر المناخ يمكن أن يسبب الكثير من الضرر لمستقبل بلاده. ويرى أن نوعية المياه في النيل لا تلقى الاهتمام اللازم؛ لأن بلده تستورد معظم غذائها، بالإضافة إلى أن تغيُّر المناخ يشكل خطرًا على اقتصادها وزراعتها أكثر من معظم البلدان الأخرى.

يقول ناصر: "ما أتمناه هو أن تحذو الشركات الأخرى حذونا تجاه المناخ وأن يؤمن الآخرون أيضًا بضرورة حماية الكوكب". جدير بالذكر أن شركته تُعد واحدة من أكبر شركات صنع الملصقات وطباعتها في مصر. "نحن بحاجة إلى الاستثمار في الكوكب أيضًا. علينا أن نتأكد من أن الكوكب بحالة جيدة".

قام ناصر بتغطية سقف مصنع روتو هاوس "Roto House" بالعديد من الألواح الشمسية التي توفر إمدادًا من الطاقة يزيد على 10% من كهرباء الشركة. تستهلك عمليات روتو هاوس كمية كبيرة من الأحبار والمواد الكيميائية التي يسهل شمها عند السير في أرجاء المصنع مترامي الأطراف، ويمكن أن يؤذي ذلك البيئة وصحة العاملين إذا تسربت الكيماويات المتطايرة إلى الهواء. ولذلك تستخدم الشركة نظام تنقية جديدًا للخزانات والأنابيب وأنابيب التهوية لإزالة الأبخرة الضارة قبل إطلاقها. ويعمل هذا النظام أيضًا على الحد من روائح المواد الكيميائية الموجودة في المصنع ويساعد على الوقاية من مشاكل الجهاز التنفسي.

آخر قرض تم منحه لبنك الإسكندرية كان عبارة عن تمويل بقيمة 15 مليون يورو في عام 2023، وهو مماثل للقرض الذي دعم التحسينات البيئية لشركة روتو هاوس. وقُدم القرض في إطار تسهيلات تمويل الاقتصاد الأخضر لمساعدة الأعمال التجارية المصرية على اعتماد الطاقة الخضراء. تضمن كلا القرضين الموجهين إلى بنك الإسكندرية منحًا في شكل مساعدات فنية من الاتحاد الأوروبي لتسريع وتيرة الاستثمارات الخضراء.

custom-preview
محمد وائل ناصر في مصنع روتو هاوس بالجيزة.

تعزيز الشمول والتمويل الأصغر

يُعد بنك القاهرة أحد البنوك المصرية التي تسعى إلى مساعدة الشركات الصغيرة، وهو أحد أكبر مقدمي التمويل الأصغر في البلاد. تعمل هذه المؤسسة على تعزيز الشمول وتنمية المجتمع وتمكين ريادة الأعمال. وقع البنك الأوروبي للاستثمار قرضًا بقيمة 70 مليون يورو مع بنك القاهرة في شباط/فبراير 2023 لمساعدة المؤسسة على توفير المزيد من القروض لصغار رواد الأعمال الذين يواجهون صعوبة في الحصول على التمويل في منطقتَي القاهرة والإسكندرية.

يُذكر أن رشا محمد التي فتحت متجر الملابس الخاص بها بالقرب من القاهرة في عام 2022، تلقت قرضها الأصغر من بنك القاهرة. لقد شجعها البنك على اختيار مكان المتجر في مجمع مزدحم من ثلاثة طوابق زاخر بالمخابز وبائعي الأدوات المنزلية وخياط ومتجر أحذية ومتجر بقالة ومقهى ومتاجر ملابس أخرى في جزء من منطقة غرب القاهرة الكبرى يُسمى مدينة السادس من أكتوبر.

تقول رشا: "هذه هي الصورة التي تصورتها لعملي التجاري تمامًا"، حيث كانت تصطف الملابس بجميع أشكالها وألوانها المعلقة على جدران المتجر من الأرض حتى السقف. وكانت لديها طاولة صغيرة لتقديم القهوة التركي أو الشاي للزوار. وتستطرد قائلة: "بدأ متجري يجذب الكثير من الناس، وأنا أقوم أيضًا بالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن لم يكن باستطاعتي القيام بأي شيء من دون التمويل".

علاقات وثيقة مع العملاء

المشاريع الصغيرة، مثل مشروعي، هي بذور لأعمال تجارية كبيرة.
شريف سيد

يوظف بنك القاهرة المئات من الموظفين الميدانيين في جميع أنحاء مصر لمراجعة طلبات التمويل الأصغر وزيارة الأشخاص الذين يطلبون قروضًا صغيرة. أحيانًا، تتم الموافقة على قرض التمويل الأصغر، وإن كان مقدم الطلب غير مؤهل بالكامل، ما دام المسؤول الميداني وافق على الصفقة. ويتحقق المسؤولون الميدانيون من نوعية مقدمي الطلبات من خلال التحدث إلى الأصدقاء والجيران ومراجعة الكثير من الأوراق.

حصل شريف سيد على قرض بقيمة 70 ألف جنيه مصري، أي ما يعادل حوالي 2100 يورو، من بنك القاهرة في كانون الثاني/يناير من عام 2023 لفتح مقهى أكبر. ويقع المقهى أيضًا في مدينة السادس من أكتوبر، وهي مدينة جديدة في الصحراء تُعد موطنًا للطلاب والشباب والوافدين الجدد من بلدان مثل سوريا أو العراق. يحمل المقهى الجديد اسم "مقهى ذئاب الجبل"، وهو مأخوذ من اسم مسلسل تلفزيوني مصري شهير يجسد مظاهر الحياة والتقاليد في منطقة جنوب مصر حيث نشأ سيد. من الصعب على المصريين الذين ينتمون إلى منطقة صعيد مصر الحصول على قروض؛ لأن في إقراضهم مخاطرة أعلى من سكان المدن الكبرى، مثل القاهرة أو الإسكندرية. وهذا ثاني قرض يحصل عليه شريف سيد من بنك القاهرة. ويعمل في مقهاه الجديد أربعة موظفين، ويتسع لحوالي خمسين عميلًا. ويأمل شريف سيد في أن يستمر في تنمية عمله التجاري.

يقول شريف سيد وهو يُحيِّي جميع العملاء بابتسامة عريضة ويرتدي جلبابًا طويلًا ووشاحًا سميكًا ذا مربعات من الصوف: "إن المشاريع الصغيرة، مثل مشروعي، بذور لأعمال تجارية كبيرة. إذا تمكنت الشركات الصغيرة من العثور على التمويل، فستتحول في نهاية الأمر إلى شركات كبيرة في يوم ما. جميعنا نبدأ من الصفر. لا أحد يبدأ كبيرًا".

custom-preview
شريف سيد تلقى قرضين من قروض التمويل الأصغر لتوسعة مقهاه بالقرب من القاهرة ويخطط لتنمية عمله التجاري.

بذل جهود أكبر في التحوُّل الأخضر

يوضح أحمد البلتاجي، وهو خبير الطاقة والنقل لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، أن مصر ومؤسسات التنمية العالمية بحاجة إلى تكثيف شراكاتها على مدى العقود القليلة المقبلة لمساعدة الاقتصاد والعمل المناخي على اتخاذ المسار الصحيح.

ويقول: "يتعين أن نبذل جهودًا أكبر لمساعدة مصر على تحقيق التحوُّل إلى الاستدامة. إن الاعتماد على الغاز الطبيعي في وسائل النقل وإمداد الصناعات أمر يسهل القيام به، لكنه ليس في صالح مستقبل مصر. إن حقول الغاز الطبيعي في البلاد آخذة في النضوب، ولكنْ لدينا شمس ورياح هنا، فلنستخدمهما إلى جانب التكنولوجيات الأخرى لإنتاج طاقة أنظف".